من هو حسن نصر الله؟

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
من هو حسن نصر الله؟, اليوم السبت 28 سبتمبر 2024 03:33 مساءً

من هو حسن نصر الله؟

نشر بوساطة سفيان العبيدي في الشروق يوم 28 - 09 - 2024

2327749
يُعد حسن نصر الله، الأمين العام لحزب الله اللبناني منذ عام 1992، واحدًا من أكثر الشخصيات تأثيرًا في الشرق الأوسط على مدار العقود الثلاثة الماضية. بفضل قدراته القيادية الفائقة، ومهارته في صياغة خطاب جماهيري حاسم، وتحالفاته الإقليمية المتينة، برز نصر الله كرمز للمقاومة ضد الاحتلال الإسرائيلي والنفوذ الغربي في المنطقة. لكن تأثيره يتجاوز البعد العسكري ليصل إلى أعماق السياسة اللبنانية والإقليمية، حيث أن قراراته واستراتيجياته غالبًا ما تُشكل الأحداث الكبرى في الشرق الأوسط.
نشأة حسن نصر الله والبدايات السياسية
ولد حسن عبد الكريم نصر الله في 31 اوت1960 في منطقة الكرنتينا الفقيرة بضاحية برج حمود في العاصمة اللبنانية بيروت، لأسرة شيعية متواضعة من بلدة البازورية جنوب لبنان. ونظرًا للحرب الأهلية التي اندلعت في لبنان خلال سبعينيات القرن الماضي، شهد نصر الله طفولة مضطربة تطبعها التوترات الطائفية والسياسية.
أكمل تعليمه الابتدائي في بيروت قبل أن تنتقل أسرته إلى الجنوب اللبناني. في سن الخامسة عشرة، انضم نصر الله إلى صفوف حركة "أمل" التي كانت آنذاك تمثل القوة الشيعية الرئيسية في لبنان بقيادة الإمام موسى الصدر. هنا بدأت تظهر أولى ملامح نصر الله كسياسي محنك، حيث انخرط في العمل التنظيمي والتعبوي ضد الاحتلال الإسرائيلي.
في عام 1976، غادر نصر الله لبنان متجهًا إلى العراق لاستكمال دراساته الدينية في مدينة النجف الأشرف، أحد أهم مراكز التعليم الشيعي في العالم. كان لهذه التجربة أثر بالغ في تشكيل تفكيره الأيديولوجي والعقائدي. خلال إقامته في العراق، تعرف على كبار العلماء الشيعة وتربطه علاقة وطيدة مع محمد باقر الصدر، أحد الرموز الفكرية والسياسية في ذلك الوقت.
من حركة "أمل" إلى حزب الله
مع الغزو الإسرائيلي للبنان في عام 1982، وبعد الاجتياح الكبير الذي أتاح لإسرائيل السيطرة على جزء كبير من الأراضي اللبنانية، برزت مجموعات مقاومة متعددة للتصدي للاحتلال. كان حزب الله، الذي نشأ بدعم إيراني مباشر، أحد هذه المجموعات التي بدأت بتنفيذ عمليات نوعية ضد القوات الإسرائيلية.
في هذه المرحلة، انشق نصر الله عن حركة "أمل" وانضم إلى حزب الله، حيث تدرج بسرعة في المناصب القيادية بفضل مهاراته العسكرية والقيادية. أصبح نصر الله قائدًا عسكريًا للحزب في منطقة البقاع، حيث أظهر كفاءة عالية في التنظيم والتخطيط.
القيادة والتحول الجذري للحزب
في فيفري 1992، اغتالت إسرائيل عباس الموسوي، الأمين العام لحزب الله في ذلك الوقت، بغارة جوية. جاء هذا الحدث بمثابة نقطة تحول في مسيرة الحزب، حيث تم اختيار حسن نصر الله ليخلف الموسوي في منصب الأمين العام، رغم صغر سنه آنذاك. تحت قيادة نصر الله، تحولت استراتيجية حزب الله من مجرد حركة مقاومة إلى قوة سياسية وعسكرية إقليمية ذات تأثير واسع.
أولى المهام التي ركز عليها نصر الله كانت إعادة تنظيم الحزب على أسس عسكرية صارمة، مع التأكيد على ضرورة الاستقلالية في اتخاذ القرارات العسكرية والسياسية، بما في ذلك التخطيط لتنفيذ هجمات أكثر تطورًا ضد الاحتلال الإسرائيلي. كما نجح في توسيع قاعدة الدعم الشعبية للحزب، من خلال تقديم خدمات اجتماعية وصحية وتعليمية للمناطق الفقيرة في لبنان، خاصة الجنوب والبقاع والضاحية الجنوبية لبيروت.
تحرير جنوب لبنان 2000: نقطة فارقة
كانت أهم لحظة في تاريخ حزب الله تحت قيادة نصر الله هي تحرير جنوب لبنان من الاحتلال الإسرائيلي في ماي2000. جاء هذا التحرير كنتيجة لحملة مقاومة طويلة الأمد قادها الحزب، وشكل هذا الانتصار العسكري ضربة قوية لإسرائيل، ورفعت من مكانة حزب الله ونصر الله على الساحة الإقليمية. لأول مرة، ينسحب جيش الاحتلال الإسرائيلي من أرض عربية دون اتفاق أو معاهدة سلام، وهو ما اعتبره البعض هزيمة نكراء لإسرائيل.
نصر الله استغل هذا الانتصار لتعزيز موقفه الداخلي في لبنان، حيث بات يُنظر إليه على نطاق واسع كقائدٍ وطني قادر على حماية لبنان من أي عدوان خارجي. ورغم أن حزب الله استمر في احتفاظه بترسانته العسكرية، فقد انتقل الحزب إلى مرحلة جديدة من العمل السياسي في لبنان، حيث شارك في الانتخابات البرلمانية وحصل على تمثيل واسع في البرلمان والحكومة اللبنانية.
حرب 2006: مواجهة مفتوحة مع إسرائيل
رغم الانتصار الذي حققه الحزب في عام 2000، فإن المواجهة الكبرى مع إسرائيل جاءت في صيف 2006. في 12 جويلية من ذلك العام، نفذت قوات حزب الله عملية عسكرية على الحدود مع إسرائيل أسفرت عن أسر جنديين إسرائيليين. ردت إسرائيل بشن حرب واسعة النطاق ضد لبنان، استهدفت فيها الضاحية الجنوبية لبيروت، معاقل حزب الله والبنية التحتية اللبنانية.
الحرب التي استمرت 33 يومًا كانت نقطة تحول في الصراع العربي الإسرائيلي، وأصبحت تُعرف بحرب جويلية2006. ورغم التدمير الكبير الذي خلفته الحرب، فإن حزب الله بقيادة نصر الله أظهر مقاومة شرسة أمام الجيش الإسرائيلي، الأمر الذي أثار إعجابًا واسعًا بين مؤيدي المقاومة في العالم العربي والإسلامي.
بعد انتهاء الحرب، ألقى نصر الله خطابًا شهيرًا وصف فيه النتيجة بأنها "نصر إلهي"، مشيرًا إلى أن حزب الله صمد أمام الهجوم الإسرائيلي ونجح في الحفاظ على قدراته العسكرية. كما أن الحرب عززت مكانة نصر الله كرمز للمقاومة ضد إسرائيل وأكدت على نفوذه في السياسة اللبنانية والإقليمية.
تحالفات إقليمية وتأثيرات دولية
علاوة على دوره في المقاومة، عرف نصر الله ببناء تحالفات إقليمية متينة، خاصة مع إيران وسوريا. يُعتبر حزب الله جزءًا أساسيًا من "محور المقاومة"، الذي يتألف من إيران وسوريا وجماعات أخرى تقف في وجه النفوذ الغربي والإسرائيلي في المنطقة. العلاقات الوثيقة بين حزب الله وإيران تعتمد على الدعم المالي والعسكري الذي تقدمه طهران للحزب، مما جعل نصر الله أحد اللاعبين الأساسيين في السياسات الإقليمية.
خلال الحرب الأهلية السورية التي اندلعت عام 2011، لعب حزب الله دورًا حاسمًا في دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد. ورغم الانتقادات الشديدة التي تعرض لها الحزب بسبب تدخله في الصراع السوري، فقد أكد نصر الله أن دعم حزب الله للنظام السوري كان ضروريًا للحفاظ على محور المقاومة في وجه "المؤامرات الخارجية".
الانتقادات والتحديات الداخلية
رغم شعبيته الكبيرة بين مؤيدي المقاومة، فإن نصر الله يواجه انتقادات متزايدة داخل لبنان. يتهمه خصومه بمحاولة فرض هيمنة الحزب على مؤسسات الدولة اللبنانية وتوريط لبنان في صراعات إقليمية لا تصب في مصلحة الشعب اللبناني. كما أن دعم حزب الله للحكومة السورية خلال الحرب الأهلية أثار استياءً واسعًا داخل لبنان وبين بعض القوى السياسية.
من ناحية أخرى، يواجه حزب الله تحديات داخلية كبرى مرتبطة بالوضع الاقتصادي المتدهور في لبنان. منذ اندلاع احتجاجات 17 أكتوبر 2019، والتي طالبت بإصلاحات شاملة ومحاسبة المسؤولين عن الفساد وسوء الإدارة، تعرض حزب الله ونصر الله لضغوط شعبية وانتقادات بسبب ارتباطهم بالنظام السياسي الذي يتهمه البعض بالفشل في إدارة شؤون البلاد.
يبقى حسن نصر الله شخصية محورية في السياسة اللبنانية والإقليمية، تجمع بين الكاريزما القيادية والخبرة العسكرية والسياسية. ومع ذلك، فإن التحديات التي تواجهه وحزب الله تتزايد، سواء على المستوى الداخلي في لبنان أو الإقليمي في ظل الصراعات المستمرة. وبغض النظر عن وجهات النظر المختلفة حول دوره وتأثيره، فإن نصر الله قد ترك بصمته كأحد أبرز الشخصيات في تاريخ الصراع العربي الإسرائيلي والسياسة الشرق أوسطية.
الأولى

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق