انفتاح كبير على الصين وإفريقيا: تونس تقتطع تذكرة في «تحالف الجنوب»

0 تعليق ارسل طباعة

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
انفتاح كبير على الصين وإفريقيا: تونس تقتطع تذكرة في «تحالف الجنوب», اليوم السبت 7 سبتمبر 2024 03:54 مساءً

انفتاح كبير على الصين وإفريقيا: تونس تقتطع تذكرة في «تحالف الجنوب»

نشر بوساطة فؤاد العجرودي في الشروق يوم 07 - 09 - 2024

2325124
جاءت مشاركة رئيس الحكومة كمال المدوري في منتدى التعاون الصيني الإفريقي لترسخ الأبعاد الإستراتيجية للعلاقات التونسية الصينية بوصفها من أهم ركائز البناء الجديد.
والواضح أن هذا التوجه الإستراتيجي يأتي في أعقاب تجربة مدمرة على الأصعدة الاقتصادية والاجتماعية والثقافية أفرزها التخبط بين قضبان سجن المنظومة الأطلسية التي انتهجت مع تونس سياسة «السمكة الجاهزة» عبر مقايضة الديون بالإملاءات التي أدت بالتراكم إلى تدمير سائر مقومات المناعة الذاتية لاسيما عبر استبدال اقتصاد الإنتاج باقتصاد العمولة وضرب الوحدة الوطنية بإطلاق العنان للتدافع الاجتماعي تحت ضغط «مجتمع الإستهلاك».
والواضح أيضا أن هذه الهيمنة الاقتصادية والثقافية التي لم تترك لتونس حتى نصيب «الخمس» تحولت بقيام الربيع العبري إلى عبث وتخريب ممنهجين من خلال رعاية المنظومة الأطلسية لحكم الإرهاب والفساد الذي أصاب المجتمع التونسي بصدمة حضارية عنيفة وأفرغ النظام الجمهوري من محتواه لحساب نظام إقطاعي متوحش حصر إنفاذ القانون في الفتات المهمشة بقدر ما منح الحصانة لكل الكيانات التي انخرطت بأشكال ودرجات متفاوتة في تخريب أسس الدولة الوطنية ورفع راية الولاء لدوائر الاستعمار.
وبالنتيجة تظهر تجربة نصف قرن مع المنظومة الأطلسية بقطبيها الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي أن تونس حصدت كوارث وأمراضا مزمنة كثيرة لا تختلف عن آثار سياسة «التفقير والإرهاب» التي انتهجتها هذه المنظومة ضد شعوب إفريقيا وأدت بمنطق الحتمية التاريخية إلى انفجار موجة القطع الراديكالي مع الغرب في القارة السمراء التي أصبحت بكل المقاييس ركيزة محورية لنظام عالمي جديد في خضم تصاعد تأثير «تحالف الجنوب» الذي يمثل في الواقع تتويجا لعدة تجارب تاريخية منها «مجموعة بلدان عدم الإنحياز» و«مجموعة 77 زائد الصين» التي أفرزها توق دول الجنوب إلى إطار يحميها من مطامع القوى الإستعمارية وينأى بخياراتها عن تأثير الصراعات القطبية.
وتبعا لذلك يمثل التحول الإستراتيجي عبر الإنخراط الفاعل في «تحالف الجنوب» عنوانا رئيسيا لممارسة السيادة الوطنية على خلفية أن العجز الهيكلي الذي يلقي بظلاله على كل المنظومات دون استثناء هو انعكاس حتمي لتفاقم العجز السيادي الذي أفرزته إملاءات المنظومة الأطلسية منذ بداية ثمانينات القرن الماضي في نطاق إعداد تونس لمرحلة الصهينة الشاملة تحت حكم تحالف «الإرهاب والمافيا».
وعلى هذا الأساس لا يمكن تحقيق تغيير جذري ملموس في هيكلة التنمية يكرس بالفعل قيمة المساواة والعدل بوصفها أساس المواطنة دون مدّ جسور التضامن والتعاون مع بلدان تحالف الجنوب وهو ما يقتضي في المقام الأول استعادة القدرة على ممارسة مفهوم السيادة الوطنية وهو ما يفسر الضغوطات التي تمارسها عواصم المنظومة الأطلسية ولاسيما باريس وواشطن منذ قيام مسار 25 جويلية لكسر الخط السيادي الجديد.
وفي المقابل يبدو جليا أن تواصل الخضوع للإملاءات الأطلسية يضع تونس على حافة المجهول الذي قد يتخذ عدة أشكال منها حصول تغيير جذري في هيكلة المجتمع باستكمال تهجير النخب بكل تشكيلاتها بفعل الإنحصار التنموي الذي يؤدي بالتراكم إلى مزيد اتساع الهوة بين تطلعات الشعب في حدها الأدنى وقدرة الدولة على تحقيقها.
وبالمحصلة فإن التحول الإستراتيجي باتجاه الصين وإفريقيا يمثل رهانا مصيريا بالنسبة إلى تونس سيحول القدرات الخامدة ولاسيما «الطاقة البشرية» والموقع الجغرافي إلى قاطرة لمشروع وطني تقدمي جديد قادر على استيعاب حق كل التونسيين في الرخاء والكرامة.
أما على الضفة المقابلة فلا يبدو أن المنظومة الأطلسية قادرة على هضم هذا الواقع الجديد والقبول بحق تونس في تنويع شراكاتها لأن الولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي ترزح تحت الهيمنة الصهيونية وهو ما يفسر عدة مفارقات أفرزها مخاض العالم الجديد منها عجز المنظومة الأطلسية عن تغيير سياساتها تجاه إفريقيا رغم تواتر قرارات طرد سفراء وجيوش أوروبا وأمريكا من قبل الحكومات الإفريقية.
تونس، الصين، أ فريقيا، كمال المدوري ، انفتاح

.




إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق